الاثنين، 23 أبريل 2012

محمد مرسي ,,,, عبد المنعم أبو الفتوح


سئل الدكتور محمد مرسى فى مؤتمره الصحفى الأخير عن نائب الرئيس الذى سيختاره، فقال إنه أمر مؤجل لما بعد نجاحه فى الانتخابات.

الإجابة دبلوماسية وذكية فى وقت واحد، خصوصًا الإضافة التى تلت ذلك بأنه لن يكون نائبًا لشخص مرسى، وإنما لرئيس الجمهورية، بمعنى أنه ستكون له صلاحيات محددة، وليس كالنائب فى العهود السابقة عندما كان مجرد سكرتير للرئيس.

على عكس تقديرات البعض.. أظن أن الدكتور مرسى مرشح قوى للرئاسة، وفرصه مواتية، فوراءه حزب قوى ومؤثر ومنتشر يتمتع بأغلبية فى غرفتى البرلمان، وهذه الأغلبية تستطيع أن توفر له قواعد فى المدن والأرياف.

وشخصيًا لو سئلت عن رأيى فى الأفضل لمصر، أن يفوز أبو الفتوح أو يفوز مرسى.. لاخترت الأخير، ليس لأن الأول أقل كفاءة، فهو لا شك قامة سياسية لها تاريخها الكبير مع المشروع الإسلامى، ولكن لأن الثانى ستكون وراءه تلك القوة السياسية المنظمة والفعالة، فلن يكون هناك تناطح سياسات معها، ثم إنه الوحيد بين المرشحين الثلاثة عشر الذى يتبنى برنامج مؤسسة، أعلنه الشاطر باسمها عندما كان مرشحًا، ثم أعلنه مرسى عندما قفز من احتياطى إلى أساسى.

هذه المرحلة ليست مرحلة الرجل الكاريزما المبدع والخلاق والضرورة، فقد ذهبت أيام الزعماء إلى غير رجعة، القدرات المؤسسية هى التى ستميز المرشحين، وأبو الفتوح يحمل المشروع الإسلامى، لكن ليس وراءه قوة المؤسسة التى تعضده، صحيح إنه ابن الثورة والميدان ويتمتع بتأييد قوى ليبرالية وعلمانية، بالإضافة إلى إسلامية، لكنه فى النهاية مجرد فرد قد يصطدم بقوة الأغلبية، خصوصًا إذا انخفضت صلاحيات رئيس الجمهورية فى الدستور الجديد، وظل فى جفاء وخصام مع المؤسسة الحزبية المسيطرة على المؤسستين التشريعية ممثلة فى البرلمان، والتنفيذية ممثلة فى الحكومة.

حال عبد المنعم أبو الفتوح فى رئاسة مصر سيكون شبيهًا بجلال طالبانى فى رئاسة العراق، وسينتقل النموذج العراقى إلى مصر، وهذا ليس فى صالح الديمقراطية التى نبحث عنها ونؤسس بناءها.

ويبقى من حق الدكتور أبو الفتوح أن يرشح نفسه وينافس على المنصب الرفيع وأن يجتهد لينجح فيه إذا وصل إليه، ومن حق جماعة الإخوان أن ترشح مرسى وتسعى لفوزه ليتسنى لها تنفيذ برنامجها، فهى تلام حاليًا على أوضاع البلاد مع أنها كما قال مرسى بالأمس لا تشارك فى أى جهاز تنفيذى بدءًا من الحكومة ونهاية بالمحليات، تمثيلها فقط فى الهيئات المنتخبة شعبيًا، أى أنها ما زالت فى المعارضة.

الاثنين، 2 أبريل 2012

سر ترشح الشاطر

بعد أن هدأ الفيس بوك وتويتر نسبيا، وأفرغ الجميع الشحنة العصبية في صورة نكت أو قلش أو شتايم أو غير ذلك، أحسب أن سر ترشح الشاطر وفرص نجاحه يمكن أن تتلخص في السطور التالية..

أولا كل الكلام مبني على أساس أن الإخوان يخوضون صراعا مع النظام القديم ممثلا في المجلس العسكري والفلول، إذا كنت لا تتقبل هذه الفكرة فلا تكمل القراءة


ثانيا: تصاعد الصراع بين الإخوان والمجلس العسكري إلى أن وصل إلى التسلسل التالي:

-الإخوان: محاولة البرلمان الضغط على الحكومة لاتخاذ خطوات إصلاحية وتطهيرية والكشف عن الفلول ومحاسبتهم، مما يعني إجهاض الثورة المضادة

-العسكري: عرقلة عمل البرلمان، وإبراز عدم فائدته لتوجيه السخط الشعبي ضده

-الإخوان: الضغط في اتجاه إقالة الحكومة لو لم تستجب لمحاولات الإصلاح، بعد التأكد من أن استمرارها قد يجهض عملية تسليم السلطة بالكامل

-العسكري: رفض تغيير الحكومة لإحراج البرلمان، وإظهار أنه بلا صلاحيات حقيقية

-الإخوان: عدم الاستجابة لمطالب العسكري بخصوص الدستور (المادة التاسعة والعاشرة من وثيقة السلمي) وتشكيل اللجنة التأسيسية

-العسكري: التهديد بحل البرلمان عن طريق المحكمة الدستورية

-الإخوان: التهديد بتقديم مرشح إخواني للرئاسة

-العسكري: التهديد بترشيح عمر سليمان للرئاسة، والتزوير لصالحه

-الإخوان: تعجيل تشكيل اللجنة التأسيسية بشكل يخالف مطالب العسكري

-حرب البيانات المتبادلة

-العسكري: التدخل بشكل سافر في عملية كتابة الدستور وتشكيل اللجنة بناء على طلب بعض عملائه المعروفين "لإنقاذ الموقف"


لم تجد محاولات التفاوض خلال الأيام القليلة الماضية للتوصل لحل يرضي جميع الأطراف، وبالتالي قام الإخوان باتخاذ خطوة مفاجئة بتقديم خيرت الشاطر كمرشح رئاسي باسم حزب الحرية والعدالة.

يمكن تفسير هذه الخطوة الخطيرة بأحد احتمالين:

الاحتمال الأول "كش ملك": يا إما تضحي بالوزير، يا إما الملك يموت

هذا الاحتمال يفترض أن الإخوان متمسكين بخيار خطوة خطوة إلى آخر مدى، وأن إقالة حكومة الجنزوري، وتشكيل حكومة جديدة بقيادة حزب الحرية والعدالة يكفيان لسحب المرشح الإخواني، حيث أن الإخوان كانوا يفضلون ولا يزالون ألا يتحملوا المسئولية كاملة، وخاصة الرئاسة، بل من المتوقع أن يقوموا بتوزيع الحقائب الوزارية على عدة أحزاب وتيارات


وفي هذه الحالة فإن تقديم مرشح رئاسي يعني انتزاع السلطة التنفيذية كلها، وبالتالي يمكن أن يقبل العسكري بتقديم الحكومة كبديل، على ألا تذهب الرئاسة إلى الإخوان، ويسحبوا مرشحهم..


وفي رأيي أن هذا الاحتمال مستبعد لعدة أسباب:

1- منها أن التهديد بتقديم مرشح إخواني يتم التلويح به بجدية منذ فترة طويلة، ولو كان لدى الإخوان أمل في استجابة العسكري، واستعداد لسحب مرشحهم مقابل إسقاط الجنزوري لأتموا الاتفاق في الغرف المغلقة

2- لا يمكن إجبار العسكري على إسناد تشكيل الحكومة للإخوان بعد غلق باب الترشح للرئاسة

3- خيرت الشاطر ومستقبله السياسي أكبر من أن يتم حرقه في سبيل حكومة معرضة بدورها للإقالة خاصة لو جاء رئيس جديد يخالف توجه الإخوان


الاحتمال الثاني "الردع الاستراتيجي": عايزين تحلوا المجلس حلوه واشبعوا به

هذا الاحتمال يعني أن تقديم مرشح رئاسي يعني أن يفقد التهديد بحل البرلمان - وحتى اللجنة التأسيسية - لمعناه، إذ أن الشارع لن يتقبل أن يحل البرلمان ويتعطل الدستور وألا تقام انتخابات الرئاسة، ومعنى فوز مرشح الإخوان (لو حدث) أن يشكلوا الحكومة في كل الأحوال، وعلى هذا فالتعامل مع البرلمان وتجنب الصدام سيكون أفضل للعسكري، مع الدفع بمرشح صريح (وقد حدث الدفع بعمر سليمان اليوم بالفعل)، ولا بديل عن التزوير له، وإلا سيضطر العسكري لتقديم تنازلات حقيقية، ولكن ربما بعد عدة منازلات وصدامات دموية..


وهذا الاحتمال يعني أيضا أن ترشح الشاطر هو خطوة تصادمية اضطرارية، آخر ما في جعبة الإخوان من حيل قبل النزول إلى الشارع حتى الموت في سبيل منع سيطرة النظام القديم على الدستور الجديد..


وهنا تبرز عدة تساؤلات..

أهمها: لماذا الشاطر بالذات؟ وأجيب عليه بمبدأ الاستبعاد:

1- لم يكن من الممكن عدم دعم أي مرشح، والتخلي عن توجيه ملايين الأصوات باتجاه مرشح معين، مما قد يزيد من فرص مرشح غير مرغوب فيه

2- لم يستجب عدد من الشخصيات المرموقة المستقلة التي عرض الإخوان عليهم الترشح (مثل البشري والغرياني)، ونصحوهم بترشيح إخواني

3- لم يكن من المقبول دعم أي مرشح بعيد عن التيار الإسلامي رغم حمل الحزب للمشروع الإسلامي

4- لم تتوفر الشروط الأساسية التي وضعها الإخوان في أي من مرشحي التيار الإسلامي (رغم أن كلهم محترمون وأحسبهم مخلصين)، واعتقادي الشخصي أن مجمل الاعتراضات تتلخص فيما يلي:

-أبو الفتوح الذي تخلى عن مبادئ الجماعة والتزاماته تجاهها في أحرج وقت في سبيل ترشحه

-العوا الذي أثارت مواقفه وعلاقاته السياسية المتناقضة العديد من الانتقادات

-أبو اسماعيل الحماسي التصادمي الذي يتعجل العديد من المواقف بلا روية

أسئلة أخرى:

هل الهدف هو البحث عن السلطة؟ هل هذا الترشح صراعا على السلطة؟

-تحقيق الإخوان لهدف الهيمنة على السلطة بالتعاون مع المجلس العسكري أسهل كثيرا من التصادم معه، ولو أن هناك تفاهما حول تقاسم السلطة بين الإخوان والعسكر لما طالت المرحلة الانتقالية عن ستة أشهر

ألا يعني تغيير موقف الإخوان من الترشح انتهازية أو تلون أو نفاق، الخ؟

-تقديم مرشح هو حق للإخوان مثل كل القوى الأخرى، وتخليهم عن هذا الحق كان قرارا داخليا، ولم يكن وعدا انتخابيا يحاسبون عليه، ولم يغيروه إلا بعد أن طالت الفترة الانتقالية لما يزيد عن سنة، ولما تأكدت نية العسكري بالتحركات المذكورة أعلاه

كيف يمكن الثقة في قرارات الجماعة المستقبلية، بعد هذا التحول الدرامي؟

-هل يعتقد أحد أن هؤلاء الناس معصومون، فلا يخطئون، ولا يغيرون مواقفهم؟ وهل يرضي أحدا أن يتمسكوا بقراراتهم حتى إذا رأوا أنها لم تعد صالحة لمجرد اكتساب ثقة الناس؟ إن الحرص على الأمانة أصوب من المكابرة للحصول على المصداقية.

هل هذا الترشح صفقة؟ هل الشاطر مرشح الإخوان التوافقي مع العسكري؟

-قلت لك لا تقرأ هذا المقال لو كنت تعتقد بوجود صفقة أو أنه لا يوجد صراع بين الإخوان والعسكري! الاعتقاد برغبة الإخوان في تفتيت أصوات الإسلاميين أو تمهيد الطريق لأحد المرشحين الفلول فكرة صاحبها خياله واسع :)

ألن تتفتت أصوات التيار الإسلامي بسبب دخول مرشح جديد إلى حلبة المنافسة؟

-استحوذت الأحزاب الإسلامية على نحو ثلاثة أرباع أصوات المصريين في التصويتات السابقة على مدى عام، مما يعني أن دخول مرشح قوي قد يعني أن تكون الإعادة بين مرشحين إسلاميين! ثم من قال أن كل المرشحين سيستمرون في المنافسة بعد ترشح الشاطر؟ :)

ألا يهدد استحواذ الإخوان على كل المناصب ديمقراطية الدولة؟ ألن يخلق هذا "حزب وطني" جديد؟

-المشكلة أننا لازلنا نصارع الحزب الوطني القديم الذي مازال يحكم فعليا! كل ديمقراطيات العالم تمنح الحزب الفائز كل الصلاحيات لتحقيق برنامجه الانتخابي، وتنزع منه هذه الصلاحيات لو أساء استخدامها، وإعادة إنتاج "حزب وطني" جديد لا يمكن أن يصبح تهمة معلبة نواجه بها أي حزب حاز الأغلبية، إعادة إنتاج "حزب وطني" جديد يعني العودة للتزوير والفساد والاستبداد..

ألا يدفع الإخوان العسكري دفعا لتبني النموذج الجزائري؟ ألن ينقلب العسكر على دولة كل قياداتها إخوان؟

-وأين الشعب؟ هل سنسمح للعسكري بإعادتنا ستين عاما للوراء تحت أي مبرر؟ أعتقد أن احتمال انقلاب العسكري واردة لأي سبب، ونحن نعرف هذا منذ شهور طويلة..

سيتحمل الإخوان على جميع المستويات نتيجة أي خطأ يحدث، بل سيتحملوا نتائج سنوات من الفشل، وقلة صبر الشعب، وبالتالي فهم يجهضون المشروع الإسلامي..

-الإعلام يحمل الإخوان المسئولية من الآن ومن قبل أن تكون بيدهم أية سلطة تنفيذية! (يعني حيحاسبوا ع المشاريب في كل الحالات)

ألا يحمل هذا القرار تصعيدا ضد الغرب؟

-لن يحب الغرب أي رئيس أو أي نظام يعمل من أجل مصلحة مصر ويسعى لاستقلالها، وتجنب استفزاز الغرب يعني مباشرة التبعية له، ولكن وجود نظام ورئيس وطني هو السبب الرئيسي للحصول على دعم وتأييد الشعب، الذي هو ضمانة تجنب الضغوط الأجنبية، والتعامل في إطار من الاحترام

ألا يفقد هذا القرار الإخوان شعبيتهم في الشارع؟

-لو أنك من معارضي الإخوان فإن هذا لا يضيرك بل بالعكس، أم إن كنت من مناصريهم، فاعمل على شرح الصورة الصحيحة للآخرين، وفي كل الحالات ادعو الله أن يردهم إلى رشدهم لو كانوا أخطأوا، أو أن يوفقهم لو كانوا أصابوا..

...

في النهاية أرجو أن تحمل الردود نقدا موضوعيا، ونقاشا مفيدا..

الحقوق محفوظة لـ - مدونة الخليفة والشهيد | الإخوان المسلمون