السبت، 5 مايو 2012

إحتياطي خير لنا من أساسي


يغلب على الظن أن معظم المترشحين للرئاسة ـ إن لم يكن كلهم ـ يطلبون الرئاسة لأنفسهم بأنفسهم عدا الدكتور محمد مرسى ـ أظنه كذلك ولا أزكيه على الله ـ ..لماذا؟!؛ لأن المؤسسة التى ينتمى إليها هى التى رشحته، ولم يرشح هو نفسه، بل رشحته احتياطيًا، ولم يجد فى هذا حرجًا أو جرحًا لمكانته العلمية وجدارته السياسية وملكاته القيادية؛ باعتباره رئيسًا وقائدًا لأكبر حزب سياسى فى مصر، بالإضافة إلى تاريخه البرلمانى والنضالى فى مواجهة نظام مستبد وفاسد.

قبِل رئيس أكبر حزب سياسى فى مصر الآن ما قد يرفضه رئيس التجمع، أهون أحزاب مصر الآن، قبل صاحب جائزة أفضل برلمانيى العالم عام 2005 ما قد يرفضه عضو مجلس محلى أو الرفيق الحريرى أضعف برلمانيى مصر، قبل عضو مكتب إرشاد أكبر فصيل إسلامى جامع على مستوى العالم ما قد يرفضه عضو منتسب لجمعية من الجمعيات الخيرية، ورضى الأستاذ الدكتور ورئيس قسم هندسة المواد الذى تعلم وعلم فى الجامعات الأميركية ما قد يرفضه أحد تلامذته. 

بالله عليكم ألا يؤشر هذا إلى المستوى الأخلاقى والرقى النفسى الذى يتمتع به هذا الرجل، ألا يدلنا هذا على جانب من أهم جوانب الجدارة والاستحقاق لقيادة الدول، أليس من الراجح أن يطمئن المصريون على مستقبلهم مع مثل هذه القيادات أكثر من آخرين يخرجون علينا ولسان حالهم يقول: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيلَ الرشاد". 

قبلها الرجل متواضعًا ـ ومرة أخرى أحسبه كذلك ـ فى دلالة قوية أن الأمر مرتبط برسالة وقيم عليا بأكثر مما هو متعلق بمصالح شخصية أو حزبية ضيقة؛ لأن هذه الأخيرة لها شأن آخر وإشارات أخرى غير القبول بموضع الاحتياطى أو (الاستبن)، على حد وصف المستهزئين أمثال النطع اليسارى أبو حمالة؛ والذين لا يستطيعون أن يدركوا من السلوك إلا دلالاته الدنيا.


بدا الدكتور محمد مرسى مُنْكـرًا لذاته؛ وبدا مُعَظّمـًا لقيمة العمل المؤسسى، ومُقدّرًا لقيمة فريق العمل، فى حين لم يحترم غيره من المرشحين ذلك؛ فمنهم مَن خرج على مؤسسته وإخوانه وجماعته ـ وهم مئات الآلاف ـ مُزكيـًـا نفسه، وهو الفرد، ولسان حاله يقول لهم: "ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد" ، كما أشرت من قبل. 


ولأن الدكتور محمد مرسى قبل أن يكون احتياطيًا من أجل مصر فهو الأولى أن يكون أساسيًا لمصلحة مصر؛ لأن مَن كان هذا قدره ومقامه وتاريخ العلمى والسياسى والنضالى، ثم يقبل أن يكون مرشحـًا احتياطيًا، فهو أبدًا لن يكون استبداديًا طاغوتيًا، وإن كان صادقًا فلنا صدقُه، وإن كان غير ذلك فلن يصيبنا أكثر مما أصابنا على أيدى الطغاة والمستبدين والظالمين. 



فى هذا السياق بدا أن الدكتور مرسى قبل الترشح لمصلحة مصر ولإنقاذ الثورة فعلاً، والفصل هنا بين مصلحة الإخوان ومصلحة مصر هو فصل مدخول، ولا يقول به منصف، وأزعم أن مَن يقول به لا يريد فعلاً مصلحة مصر؛ فسيرة ومسيرة الإخوان منذ أكثر من ثمانين عامًا تنضح بأننا أمام مؤسسة تعتبر مصلحتها هى مصلحة مصر ومصلحة مصر هى مصلحتها، كما قدمت لنا عشرات الآلاف من الموارد البشرية الممتازة، نعم، قد تخطى ء وتصيب؛ لأن هذا من طبائع البشر، إلا أنهم على الأغلب على أتم استعداد للجود بالغالى والنفيس من أجل مصر ومن أجل مصلحة مصر.



لم يأتنا الطغيان إلا من هؤلاء الأفراد الذين مردوا على الشذوذ عن الجماعات والمؤسسات التى ينتمون إليها، لم يأتنا الاستبداد إلا من أفراد يرون أنفسهم آلهة أو إذا تواضعوا فهم أنصاف آلهة! 
أو لمَّا يأتنا رجل لم يزكِّ نفسه وهو ليس أقل ممن يزكون أنفسهم صباحـًا ومساءً، ولم يتمرد على إخوانه و جماعته، وهو ليس أقل قدرة على التمرد والخروج من الذين تمردوا وخرجوا، ويحترم العمل المؤسسى والعمل الحزبى والعمل الجماعى، نقول له: ليس من حقك الترشح، هل هذا إنصاف؟!، هل هذا عدل؟! . 


قد يقترب بعض المرشحين من حيث الكفاءة والنزاهة الشخصية من الدكتور محمد مرسى، لكن يبقى الدكتور مرسى هو الوحيد الذى لم يرشح نفسه، وإنما رشحته جماعته، وهو الوحيد بين المرشحين الذى يحظى بدعم ظهير سياسى بحجم الحرية والعدالة ورافعة اجتماعية بحجم الإخوان المسلمين، ومبشرًا بمشروع لنهضة مصر يشرف عليه الشاطر، وأخيرًا أجد أن من حقى أن أزعم أن ترشيح مرسى جاء لمصلحة مصر.

الحقوق محفوظة لـ - مدونة الخليفة والشهيد | الإخوان المسلمون