الخميس، 23 ديسمبر 2010

أصاب الإخوان المسلمون بالمشاركة

جمال سلطان | 15-12-2010 23:32

أتاني صوته عبر الهاتف مفعما بالحماسة والرضى وهو يشكرني على موقف صحيفة المصريون في الانتخابات وإسهامها في كشف التزوير ، وقال الصديق المحترم ضياء رشوان أن الله أكرمه بالفعل أن لم يفز في هذا البرلمان الذي أصبح مضرب الأمثال في التزوير وسرقة إرادة الأمة ، وأقسم أنه لو كان فاز لأعلن استقالته من أول يوم ينعقد فيه البرلمان ، وأنه حاول إقناع قيادة الحزب بالانسحاب الجماعي إلا أنهم رفضوا ، وقد حييت الصديق العزيز كما حييته من قبل في هذه الزاوية لأنه الوحيد الذي تعمدوا إسقاطه من مرشحي حزب التجمع الذين خاضوا جولة الإعادة ، كلهم زوروا لهم إلا ضياء ، وهذا وسام على صدره ، لأن موقف ضياء رشوان الواضح والوطني ضد التوريث كان يستحيل معه عليهم أن يتحملوه تحت قبة البرلمان ، فأسقطوه وأتى القرار الجمهوري بتعيين أمينة شفيق في البرلمان تعويضا للحزب عن وفاة نائبه في حدائق القبة محمد عبد العزيز شعبان قبل أن يتسلم بطاقة عضوية البرلمان ، وسبحان من له الدوام .

والحقيقة أنه من باب نسبة الفضل إلى أهله ، ينبغي الاعتراف بفضل مشاركة جماعة الإخوان المسلمين في إظهار هذه الفضيحة ، والجدل الذي طال في تأييد المشاركة أو المقاطعة أعتقد أنه خف بعد ما حدث ، لأن مشاركة الإخوان هي التي أحدثت الهلع والقلق في قيادات الوطني من قدرة الجماعة على تحقيق مكاسب مثل ما حدث في انتخابات 2005 وربما أكثر من ذلك بكثير ، بعد تراكم الخبرة لدى كوادرها ، والعصبية التي أدار بها الوطني وأجهزة الدولة المعركة الانتخابية كان سببها المباشر هو الخوف من الإخوان ، وهي العصبية التي جعلته لا يرى من تلك المعركة إلا هدفا واحدا ، وهو منع أي مرشح للجماعة من المرور أو النجاح بأي وسيلة ، وسيطر هذا الهوس على عقلية من أداروا العملية الانتخابية ، مما جعلهم أقل احترازا من النتائج "الجانبية" لهذا التهور والعنف ، فعملية "التطهير" لم تكن مؤهلة للاحتراز أو الدقة الاحترافية في إخراج النتائج ، فسحقوا بقية الأحزاب والرموز الوطنية في طريقهم أثناء التزوير ، بما في ذلك حزب الوفد الذي كان مؤهلا أكثر من غيره لقيادة معارضة قوية وإيجابية في البرلمان ، وكانت هناك استعدادات من جناح نافذ في الدولة للقبول بهذا السيناريو ، إلا أن "غشومية" المراهقين السياسيين الجدد الذين أداروا العملية الانتخابية خربت كل شيء ، وبعثرت كل السيناريوهات ، لأنها لم تر أمام عينها إلا هدف واحد ، وهو تدمير الوجود الإخواني في البرلمان ومنعه بالكامل .

ولو لم يشارك الإخوان في الانتخابات لما عرف المصريون والعالم كله طبيعة العقلية التي تدير شؤون مصر السياسية الآن ، عارية بكل وضوح ، ولأمكنهم تنسيق اللعبة بهدوء وباسترخاء شديد وبدون حاجة لكل هذه البلطجة والعنف والتزوير والتلاعب والتحدي الصارخ والخطير للقضاء المصري وأحكامه ، وهذه في الحقيقة هي القيمة الأهم من مشاركة الإخوان في الانتخابات ، كما أتى انسحابهم من جولة الإعادة رغم دخولهم فيها على حوالي 27 مقعد ضربة معلم ، لأنهم حرموا الحزب الحاكم من استكمال اللعبة للنهاية وفق قوانينه هو وحساباته هو ، كما أعطوا برهانا عمليا صريحا للداخل والخارج بأن الانتخابات مزورة ، لأن أحدا لا ينسحب من الخطوة الأخيرة على هذا العدد من المقاعد إلا إذا كان قد تأكد أن المنافسة منعدمة بالفعل ، وتلك حقيقة ، لأنهم لو خاضوا الإعادة ما كان لهم أن يفوزوا بمقعد واحد ، وحتى المقعد الذي فاز فيه مرشحهم بدائرة النزهة مجدي عاشور ، ما كان ليحصل عليه هو الآخر ، وإنما اضطروا إلى أن يزوروا له انتخاباته من أجل أن يردوا على رسالة الإخوان برسالة أخرى تقول أنه كان يمكنهم الفوز لأن التصويت يتم بنزاهة بدليل فوز مرشحهم الأخير ، وهذه من المرات النادرة التي يزور فيها الحزب الوطني لصالح مرشح إخواني ، واللي يعيش ياما يشوف .

كشفت الأحداث الأخيرة لكل ذي عين ، أنه من العبث المشاركة بعد الآن في أي انتخابات تتم في مصر ، إذا كانت تتم وفق هذه المعايير القائمة والفوضى وغياب القانون ، من أراد أن يكشف الفضيحة ويعري الحزب الحاكم فهو لا يحتاج بعد الآن إلى دليل جديد ، ويبقى أن يكون أي مشاركة انتخابية لأي حزب أو قوة سياسية أو رموز وطنية مشروطة بغل يد الحكومة وحزبها وأجهزتها عن الانتخابات بالكلية ، وتفويض مؤسسة أو هيئة مستقلة ذات حصانة وصلاحيات دستورية كاملة في إدارة العملية الانتخابية من أولها إلى منتهاها ، ولها ـ وحدها ـ حق التوجيه والأمر والنهي لأي إدارة أو جهاز رسمي تستعين به في أي مرحلة من مراحل العمل ، أو أن يشرف القضاء المصري على العملية الانتخابية بكامل تفاصيلها .

almesryoongamal@gmail.com

0 التعليقات:

الحقوق محفوظة لـ - مدونة الخليفة والشهيد | الإخوان المسلمون